التعذيب (بالتعري)، الضامن في سجون المباحث السعودية
تقرير الجمعية الأوربية السعودية
لحقوق الأنسان
08/02/2014
بعد 9 أيام تحل الذكرى الثالثة لبدء الإحتجاجات
السلمية في المنطقة الشرقية، حيث يعتبر 17/02/2011 هو اليوم الفعلي لبدء المطالب التي كان أولها المطالبة بإطلاق
سراح 3 سجناء هم الناشطين رمزي آل جمال ومحمد اللباد ومنير جصاص [1]
، حتى تطورت وتعددت المطالب ليكن بعدها العنوان الأبرز هو المطالبة بإطلاق سراح 9 سجناء
[2]
مضى لحد اليوم على إعتقال اقدمهم 6522 يوم، حتى كتابة هذا التقرير، وذلك منذ
ابريل 1996.
تمثلت ردة الفعل الدولة في التعاطي الأمني
عبر (إعتقال 976 شخص مازال 241 منهم قيد الإيقاف) [3] بين
تحقيق ومحاكمة وقضاء مدة، التي شملت رجال دين وأكاديميين ونشطاء في مختلف المجالات
الحقوقية والاجتماعية والثقافية والأدبية والفنية، كما اقتضت العشوائية التي مورست
من قبل الجهاز الأمني إلى ايقاف كثيرين لم يكن لهم أي نشاط يتعلق بالمطالب المشروعة،
إلا أن قتل 18 شاباً - كان آخرهم أحمد علي آل مصلاب 19 سنة في 05/09/2013 [4] - ،
وإصابة 78 [5] عدا عن
الإصابات المجهولة، من قبل قوات الأمن السعودية بالرصاص الحي يعتبر الصورة الأبرز من
الاستخدام المفرط للقوةالذي انتهجته الحكومة السعودية في التعاطي مع المطالب الشعبية،
إضافة إلى ممارسة التعذيب على الموقوفين في سجن المباحث السعودية [6] ،
والمحاكمات الغير عادلة، والأحكام القاسية التي وصلت إلى سجن 30 سنة، وفصل بعض من
سجن من عمله ومنع البعض الآخر من السفر دون تحديد مدة أو آلية يمكن للمنوع من أن
يتعاطى معها، في وقت لا يزال التواجد الأمني المتمثل في الآليات الثقيلة المدرعة
ونقاط التفتيش التي تحيط بمحافظة القطيف مدعاة لعدم الاستقرار عبر ما يخلفه من
مضايقات واستفزازات لا علاقة لها بالعملية الامنية.
اعتقال تعسفي:
محمد الضامن، نموذج للتعذيب المهين في سجون المباحث السعودية |
من على جسر الملك فهد الرابط بين
السعودية والبحرين وفي يوم الثلاثاء 16/04/2013، أوقف (محمد عبد الواحد الضامن -
24 عاما) حينما كان متجهاً برفقة زوجته لمملكة البحرين لزيارة اقارب. فعند اول نقطة
في الجمرك، أمره موظف الجوازات بمراجعة أحد المكاتب بداعي وجود خلل في بطاقته
الشخصية، وبينما تنتظره زوجته في السيارة ذهب ليراجع، وعندها تفاجأ بقولهم: إنك مطلوب
للجهات الأمنية. أستوقفوه مباشرة طالبين منه الإتصال بمن يرجع زوجته، حتى وصل أحد
ذويها بعد أربع ساعات من انتظارها مفردة.
ولمدة 10 أيام ظلت أسرة محمد تجهل
مكانه ومصيره، حتى علمت من طريق غير مباشر بوجوده في سجن مباحث الدمام، وبعد شهر و 17 يوما نقل لغرفة جماعية وسُمح لعائلته بزيارته.
التعذيب والحالة الصحية:
قضى محمد الضامن حتى كتابة التقرير 298
يوماً، مُورس عليه التعذيب في أولى لحظات وصوله، عندما أستقبله 8 جنود بالضرب المبرح
بالأيدي والركل بالارجل وتوجيه ألفاظ مهينة وحاطة بالكرامة تتضمن ألفاظاً عنصرية
وطائفية ولا أخلاقية.
مورس على الضامن التعذيب الذي أشتهر به
جهاز المباحث، ولكن هذه المرة أضيف على محمد استخدام أسلوب التعري أثناء التعذيب، ما
يعد أسلوباً غير مألوف قياساً إلى ما عرف، كما أن (الإسلام) الذي ذكر 19 مرة
في نظام الحكم الأساسي للمملكة العربية السعودية يعتبر تعرية الشخص فعلاً محرماً،
كذلك فإن العرف والآداب المتبعة تعيب هذا السلوك.
عُلِقَ محمد من يديه على الجدار، ولمدة
يومين بقي دون طعام، مع أشكال من الضرب العنيف والمبرح، في أثناء التعليق أجبروه
على الإتصال بعائلته، أضطر لمحادثتهم وهو في حالة نفسية متعبة، بعد أن تم تهديده بأن
لايفشي ما يتعرض له من تعذيب. أمتد التعذيب إلى عدم السماح له بإستخدام دورة
المياه، رغم طلبه الملح، ما أضطره بشكل لا إرادي من قضاء حاجته وهو معلق.
وعلى إثر ذلك تمت مضاعفة التعذيب، فسحب
إلى غرفة أخرى وتم تعذيبه بإستخدام الكهرباء في باطن القدم والكتف وإجزاء أخرى
متفرقة من الجسد، والضرب والركل. طلب منه الاعتراف على نفسه بالمشاركة في
المظاهرات واستخدام السلاح، فأعترف بمشاركته في المظاهرات -دون أن يشارك حقيقة- ،
وأصر على أنه لم يستخدم السلاح.
خلف طول الإعتقال، وما تعرض له من تعذيب
أضراراً لمحمد:
-
النفسية: أعتلت حالته النفسية، خصوصاً
في فترة التعذيب، حيث صار يتحدث مع نفسه في فترة السجن الإنفرادي، ما دعى لإعطائه
أقراصاً طبية مهدئة.
-
الجسدية: ترك التعذيب أثاراً في جسده،
وتركت القيود والأصفاد آثارها على رجليه ويديه، واستدعت حالته الصحية إرساله غير
مرة إلى مستشفى السجن.
-
المادية: يعتبر المعيل الرئيسي لعائلته التي تسكن شقة مستأجرة، فهو
الوحيد من بين أختين، وظروف والده الصحية تمنعه من العمل. وإضافة إلى إعالتة لإسرته
فإن محمداً ملزوم بسداد أقساط سيارته وقرض زواجه.
أحياناً يصرف له مبلغ 2000 ريال (534 دولار)، ولكنها لاتفي بحاجات
أسرته، ولا ينتظم صرفها بشكل شهري. محمد كتب عدة خطابات لإدارة السجن يطالبهم فيها
بسداد ديونه والتزاماته المادية أو إطلاق سراحه ليتمكن من تدبر احتياجاته
وإحتياجات عائلته المادية، ولكن دون إجابة.
ومازال يتعرض من وقت لآخر إلى انتهاكات، حيث منع مؤخراً من الزيارة
لمدة شهرين، على إثرها أضرب عن الطعام لمدة أسبوعين، ومن ثم فتحت من جديد، وكان
السبب الذي قُدم له أن الأطفال اللذين تصطحبهم عائلته يصدرون إزعاجاً، وتم أثناء
فترة الشهرين استدعاءه للتحقيق مجدداً ولكن كانت الأسئلة لا علاقة لها بسبب
إعتقاله أو الإتهامات الموجهة إليه.
المحاكمة:
بعد قرابة اسبوعين من اعتقاله، أرسل
محمد إلى المحكمة الجزائية المتخصصة بالرياض، ليصدق أقوالاً انتزعت تحت التعذيب،
وعند إرجاعه لسجن الدمام بعد تصديقه على الأقوال، وضع
في الإنفرادي من جديد ليتمم في الإنفرادي شهرا و 17 يوماً كما تقدم، ومن بعد محاولات
من قبل عائلته سمح لهم بالزيارة.
وبعد مضي أكثر من 8 أشهر من إيقافه نقل محمد لمدينة الرياض مؤخراً، حيث ستعقد الجلسة
الأولى من محاكمته الخميس 13/02/2014.
وبعد مضي أكثر من 8 أشهر من إيقافه
الانتهاكات:
ما جرى على الضامن يمثل إنتهاكاً
واضحاً إلى الكثير من القوانين المحلية (نظام السجن والتوقيف الصادر 1978- نظام
الإجراءات الجزائية 2013...)، والمعاهدات الدولية (إتفاقية مناهضة التعذيب - الميثاق
العربي لحقوق الإنسان...)، حيث الكثير من النصوص تدين وتعارض بوضوح السلوكيات
المتبعة من قبل المسؤولين في السجن والتحقيق والمحاكمة.
فالتعذيب يحظر بكافة أشكاله، وفق صريح
القوانين المحلية والدولية، كما أن الأقوال المنتزعة تحت التعذيب تعد غير قانونية،
ويعد إعتماد القضاء عليها كشاهد إثبات إخلالاً بمعايير العدالة.
إننا في الجمعية الأوروبية السعودية
نطالب بالافراج الفوري عن محمد الضامن، وضمان سلامته الجسدية والنفسية، كما نطالب
وفق النصوص المعترف بها إجراء تحقيق فوري ونزيه وشامل حول التعذيب والإنتهاكات المتعددة
التي تعرض لها، وضمان حقوقه كاملة أثناء جميع مراحل الايقاف، مع تقديم الرعاية الصحية
اللازمة له على نفقة الدولة، لمعالجة الآثار المترتبة من التعذيب والإعتقال، مع تمكين
عائلته توكيل محام على الفور دون تعطيل.
هذا وتدعو الجمعية الأوروبية السعودية لحقوق
الإنسان منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية، التدخل العاجل والفوري لإيقاف عمليات
الاعتقال التعسفي التي تنتهجها السلطات السعودية، وإيقاف التعذيب الممنهج، الذي تتخذه
ضد معتقلي الرأي، ونشطاء حقوق الإنسان.
[1] السلطات السعودية
تطلق ثلاثة من المعتقلين الشيعة، شبكة راصد الإخبارية http://www.rasid.com/?act=artc&id=42965
[3] قائمة معتقلي القطيف والاحساء،
تقرير مركز العدالة لحقوق الإنسان، 03/02/2014
[4] استشهاد الشاب أحمد
المصلاب والمداهمة الجماعية لمنازل المواطنين وقائمة الثلاثة والعشرين، تقرير الجمعية
الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان http://esshright.blogspot.de/2013/09/blog-post.html
[5] قائمة معتقلي القطيف
والاحساء، تقرير مركز العدالة لحقوق الإنسان، 03/02/2014
[6] رصدنا في الجمعية الأوروبية
السعودية لحقوق الإنسان، عدة حالات تعذيب، منها:
أكثر من 269 يوما من التعذيب والإعتقال
التعسفي للشاب سلمان http://esshright.blogspot.de/2013/10/269-02102013-06012013-01101993.html
عَذَّبوه حتى خُنِقَت أنفاسه، (القلاف)
في سجون المباحث السعودية http://esshright.blogspot.de/2013/11/15112013-23091997-4-1.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق